Slide Ads

Google

Thursday, December 16, 2010

2011عام التماسيح فى مصر

هل هناك علاقة بين فضيحة الانتخابات التي تمت في مصر وبين إعلان وزارة البيئة عن أن العام القادم سيكون عام التماسيح في بحيرة ناصر؟
ــ وهل يكون ظهور أسماك القرش في شرم الشيخ فور إعلان نتائج الانتخابات بمثابة تمهيد للغزو المنتظر من جانب التماسيح؟

قبل أن أحاول الإجابة عن السؤالين، أرجو أن تفكر معي في القصة الرمزية التالية التي سمعتها من بعض خبراء الرأي،
إذ حدثوني عن قرية في جنوب السودان مطلة على غابة بها ثلاثة أسود. وبين الحين والآخر كانت تلك الأسود إذا ما استبد بها الجوع، تلتهم واحدا من أهل القرية، ممن شاء حظهم العثر أن يخرجوا إلى الغابة.
وإذ ضاق القرويون بذلك فإنهم ظلوا يتربصون بالأسود ولم يهدأ لهم بال إلا حين نجحوا في اصطيادها والخلاص منها.
لكن أملهم خاب، لأنهم ما إن اطمأنوا إلى اختفاء الأسود حتى فوجئوا بجيوش القرود، التي انهمرت من فوق الأشجار بعدما خلا لها الجو، الأمر الذي قلب حياة القرويين رأسا على عقب، فاضطروا إلى الهجرة من القرية كلها وتركوها خاوية على عروشها.

سبق أن استشهدت بالقصة في مقام آخر، في سياق محاولة تحليل ظاهرة بروز الجماعات الإسلامية المتطرفة. حيث أرجعت الظاهرة إلى عوامل عدة، كان من بينها إغلاق أبواب الشرعية والعلنية أمام العمل الإسلامي، الأمر الذي ترتب عليه تتابع ظهور الجماعات غير الشرعية، التي شبهتها بالقرود التي انهمرت من فوق الأشجار حين غابت الأسود.

تحضرني في هذا السياق قصة أخرى يتداولها خبراء البيئة وعلماء الاجتماع، تتحدث عن منطقة جبلية في أستراليا انتشر فيها نوع من الثعالب تميزت بالفراء الفاخر، ولكن الذئاب التي وجِدَت في المنطقة كانت تلاحق الثعالب وتقتنص بعضها بين الحين والآخر.
 
ولأن أهل المنطقة كانوا حريصين على صيد أكبر عدد من الثعالب، فإنهم تربصوا بالذئاب حتى أبادوها وقضوا عليها نهائيا. وظنوا أنهم بذلك سوف يفوزون بفراء الثعالب الفاخر،
لكنهم لاحظوا بعد حين أن نوعية الفراء تغيرت، وأن الشعر فيه صار رخوا ولم يعد منتصبا كما كان. وفسر لهم الخبراء الظاهرة، حيث قالوا إن وجود الذئاب في المنطقة وملاحقتها للثعالب كان يؤدى إلى تنشيط حركتها وتوترها، مما ظل يضفى قوة على شعر الفراء،
ولكن حين اختفت الذئاب فإن التوازن البيئي اختل، ولم تعد الثعالب تعاني أي توتر، الأمر الذي أدى إلى إضعاف فرائها.
وكانت نصيحة الخبراء أنه من الضروري استعادة بعض الذئاب مرة أخرى وإطلاقها في المنطقة، ليعود التوازن البيئي إليها، الأمر الذي من شأنه تنشيط حركة الثعالب واستعادة فرائها للوهج الذي افتقدته. وهى الوصية التي أخذ بها المعنيون بالأمر، وحققت نجاحا فاجأ الجميع وأسعدهم.

إذا سألتني عن علاقة القصتين بالسؤالين اللذين أوردتهما في بداية الكلام. فردي أنني أردت بهما أن ألفت النظر إلى أن استقرار المجتمعات له قواعد وأصول، وأن الإخلال بتلك القواعد يحدث خللا من شأنه أن يصيب المجتمعات بتصدعات وأضرار لا تعرف حدودها.
وفي الحالة المصرية فإن «تقفيل» البلد على النحو الذي شهدنا نموذجا له في الانتخابات التشريعية الأخيرة قد يبدو انتصارا في نظر قادة الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية المتحالفة معهم.
إذ في ظله تم استبعاد «الأسود» و«الذئاب» من مجلس الشعب المقبل، لحسابات متعددة لا مجال للخوض فيها الآن. وقد يحقق التقفيل مبتغاه، لكن لا أحد يعرف صدى ذلك وتأثيره في حركة المجتمع الذي تشيع فيه درجات مختلفة من السخط والغضب سواء لأسباب اقتصادية لدى البعض أو لأسباب سياسية لدى البعض الآخر.

أفهم أن الذين أداروا الانتخابات وأشرفوا على عملية التقفيل يعتمدون على أدوات السلطة، خصوصا الأجهزة الأمنية، وقد يعطيهم ذلك شعورا بالراحة والاطمئنان لبعض الوقت، لكن ذلك لا ينبغي أن يستمر كل الوقت. لأن حركة المجتمع في بلد يعيش فيه أكثر من 80 مليون شخص مسكون بأسباب التوتر وتفاعلاته لا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها. وهو ما يستدعى السؤالين سابقي الذكر.
ورغم أنني لا أشك في أن وزارة البيئة حين تحدثت عن عام التماسيح القادم لم يخطر لها أن تسقط الخبر على الحياة السياسية، إلا أنني وجدت أن حالة الاحتقان التي تمر بها مصر لا تسمح لنا بالتفاؤل باحتمالات العام الجديد.
بل إنها تدعونا بشدة إلى التحذير من تداعيات ما جرى على الساحة السياسية وخشية ظهور التماسيح، ليس في بحيرة ناصر وحدها، وإنما في بر مصر كلها.

No comments: